Saturday, April 13, 2013

قبعات المصريين

     تلقيت منذ عدة سنوات بعض المحاضرات في أسلوب العمل ضمن الفريق (Team-Work) كجزء من برنامج أعتمدته الشركة التي كنت أعمل بها لتنمية مهارات التواصل لدى موظفيها. ومن بين كل المحاضرات لازلت أذكر تلك المحاضرة المميزة التي شرح لنا فيها المحاضر نظرية "قبعات التفكير الست" التي وضعها عالم النفس المالطى "إدوارد دى بونو" وهى بإختصار شديد تتلخص فيما يلى: أنك اذا كنت قائدا لفريق ما – رئيس مجلس إدارة شركة مثلاً – وأردت أن تتخذ قراراً مهماً فعليك أن تلزم تقسم فريقك الى ستة فرق – أو اشخاص – يلتزم كل فريق او شخص بارتداء قبعة من القبعات ذات الألوان الستة (بيضاء، حمراء، سوداء، صفراء، خضراء، و زرقاء) وهى في الواقع ليست قبعات حقيقية ولكن كل لون منها يرمز الى طريقة تفكير معينة وإلى نمط حياة محدد وأسلوب مميز في تلقى الأخبار وتحليل الأحداث او المشكلات. وأنماط التفكير حسب نفس ترتيب الألوان السابق هي : التفكير الحيادى، العاطفى، السلبى، الإيجابى، الإبداعى، والتفكير الموجه. فعندما يتقمص كل شخص في فريق الإدارة نمطاً من تلك الأنماط ويطرح ما يمكن أن يفكر فيه أصحاب هذا النمط الفعليين في المجتمع ورد فعلهم المتوقع على القرار وطريقة تعاطيعهم معه؛ فبالتأكيد سيكون القرار ناجحاً وصحيحاً وعملياً بدرجة كبيرة.
    بالتأكيد أن النظرية لا تهدف أبداً الى تقسيم المجتمع بهدف إدانتهم أو انتقاد طريقة تفكيرهم أو تصنفيهم إلى فريق من الصالحين الطيبين وآخر من الأشرار، ولكن أن تفهم وتتوقع وتعذر الآخرين وتحاول قدر ما تستطيع أن تتجنب ردود الفعل المتعبة أو أن تنكأ جراح عميقة بلا داعٍ. مع ملاحظة أن أحداً لن يحصل على أي فائدة من تطبيقها إن لم يكن مستعداً لدفع كلفتها الوحيدة وهى الصراحة المطلقة والأمانة الشديدة في تمثيل دور الآخر وارتداء قبعته تماماً.
   أتذكر كل ذلك وأنا أشعر بخيبة الأمل، كم كنت أتمنى أن ينتهج أول رئيس لمصر بعد الثورة نهجاً علمياً واعيا يراعى فيه قدر الآمال وحجم الإختلافات التي ظهرت بشكل طبيعى ومتوقع بعد أن أزاحت الثورة تلك الصخرة التي ظلت جاثمة على صدور كل الإيدولوجيات والأفكار المتنوعة والإتجاهات الثرية في مصر، حتى يأمن هذا البركان من الغضب الذى يكاد الآن أن يعصف بالتجربة كلها. ووجدت نفسى أحاول تطبيق ذلك على واقعنا السياسى اليوم وأتفحص أنماط تفكير التيارات الرئيسية الفاعلة في مجتمعنا، وبدأت أرتدى القبعات وأحاول الفهم قدر ما استطيع. وبدأت من حيث يجب أن يبدأ التاريخ.
    قبعة الثوار، هم في الأصل شباب ثائر، محتج، متمرد على بعض القيم التي تكرس – في نظرهم – الخنوع والرضى بالواقع المستقر منذ الاف السنين ولوكان واقعاً ظالماً مستبداً. حركاتهم الإحتجاجية لم تبدأ في رحابة الثورة وقوتها بل بدأت في ظل القهر والديكتاتورية؛ مما حدا بهم أن يستهينوا بالموت في سبيل التغيير الذى ينشدونه. مثاليون وحالمون الى ابعد الحدود، لا ترضيهم أنصاف الحلول أو محاولة (تهذيب) الحقائق وتغطيتها. إن قالوا تغيير فهم يقصدون تغييراً كاملاً لا في الأهداف فحسب بل أيضا في الأساليب وطريقة التفكير وفى النتائج فضلاً عن الأسماء. وبناءاً عليه فأنك يجب ألا تحدث أحدهم عن فضائل الاستقرار أو هيبة الدولة أو عبارات مثل (أعتبره ابوك يا أخى) أو (كفاية مظاهرات البلد هاتخرب) هم ضحوا باستقرارهم الشخصى أسرياً ووظيفياً ومستعدون أن يبذلوا أرواحهم فداءاً للهدف الأسمى، فإن وجهت لهم مثل تلك العبارات البائسة صرت في نظرهم شخصاً أنانياً ومواطناً سلبياً خانعاً.
   قبعة الإسلاميين، هم مخلصون لما ترسخ في قناعتهم أنه (واجب شرعى) يحتمه الدين ويهمس به التاريخ في ضمائرهم دائماً، غارقون في أمل إحياء حقبة تاريخية معينة يرونها مثالية ويتغاضون عن سلبياتها ونزاعاتها وإختلاف أفكار أبطالها التاريخيين أنفسهم. عندما يصطدمون بالواقع تكون المحصلة دائما أن الواقع خطأ أو حرام. عندما تفاجئهم مصطلحات معاصرة مثل: الوطن، والحدود، والأمن الوطنى، أو الاستقلال الوطنى ... الخ ويرونها تمثل عائقاً أمام استرداد فكرة الخلافة بحدودها المفتوحة الممتدة المتغيرة حسب قوة الخليفة ونفوذ جيشه، فأنهم يلجأون الى الكفر بهذه المصطلحات جميعاً، ليس لأنهم غير وطنيين او أن انتمائهم مشكوك فيه كلا، بل لأن هذه الأفكار لا تناسب مشروعهم. فعندما تقرأ تصريحاً لأحدهم بأنه لا ضرر ان كانت حلايب وشلاتين تابعة لمصر أو للسودان، أو فكرة منح سكان غزة وطناً بديلاً في سيناء، أو بيع ما يمكن بيعه من أصول مصرية لدولة قطر أو تأجير الآثار .. الخ فلا تندهش فهم يظنون أن (المصلحة واحدة)!
    قبعة جبهة الإنقاذ، معظم أفرادها من السياسيين أو من أرتبط تاريخهم بالنضال الشعبى أو الطلابى أو العمالى، وبعضهم من الدبلوماسيين المحنكين. خبرتهم الممتدة تجعلهم يرون نهاية الطريق الذى نقف في بدايته ويتوقعون المكان الذى يذهب بنا اليه إمتداد ذلك الخط الذى نسير فيه، أو هكذا يعتقدون! كانت لهم – بلا شك - طموحاتهم السياسية وأحلامهم التي ارتسمت في مخيلتهم وهم يتقدمون صفوف الثورة ويخططون مسيراتها ويكتبون شعاراتها ويرددون هتافاتها. هؤلاء إن خاطبتهم (يا جماعة أدولوه فرصة) وطالبتهم بالصمت لا يقبلون، لا لأنهم يريدون فشل الرئيس او لأن هدفهم ازدياد الوضع سوءاً وتنغيص حياة المصريين، لا طبعاً. ولكن هم يرون الصمت خيانة وتخلى عن واجبهم الوطنى في إنارة الطريق أمام الشعب ليعرف ويفهم ما يدور من حوله وما هو متوقع حدوثه نتيجة سياسات بعينها. هم يرون أن واجب المعارضة القوية وخصوصاً إذا كانت شريكة في الثورة ومفجرتها أن تحدث (وقف إجبارى) لأى مسار منحرف عن أهداف الثورة يريد الحاكم ان يسلكه. أيضاً لا يمكنك أن تطالبه بمساعدة الحاكم وتقديم كل العون والخطط والمشروعات ودراسات اقتصادية بلا أي مقابل سياسى، كيف يعطى كل رصيده لينجح غيره دون أن يجنى هو له أو لحزبه أو تياره أي منصب سياسى يشجع به أنصاره ويعوضه سنوات الكفاح والنضال ويتخذه منفذاً يطرح من خلاله مشروعه وفكره المتبلور عبر عشرات السنين؟!!
     قبعة الأقباط، يتوزعون بين تيارات سياسية شتى، ولكن جرحهم واحد. تدربوا على العيش تحت وطأة الظلم والطائفية في ظل الحكم الوثنى، ثم المسيحى، ثم الإسلامي. ظلت حياتهم مهددة فضلاً عن تجارتهم وأرزاقهم مرتهنة بمدى تعقل حاكم أو جنونه، بسماحة فتاوى الشيوخ أو بتشددها. يؤلمهم التاريخ، والجغرافيا أيضاً! من جهة التاريخ هو حاضر أمامهم باستمرار، ينظر القبطى إلى معصمه فيذكره الصليب المنقوش على يده بظلم بعض الحكام في عصر الخلافة الإسلامية وتعسفهم المفرط تجاه الأقباط ، يتذكرون الخليفة المتوكل وأبنه المنتصر اللذان فرضا على الأقباط الملابس والزنانير السوداء والزرقاء التي مازال يلبسها رجال الدين الأقباط، وفرض عليهم ركوب الحمير فقط دون الخيول أو البغال، وأعاد سيرته كثيرون بعده منهم الحاكم بأمر الله. عندما يزورون الأديرة يرون مبنى قديم في كل دير أسمه "الحصن" كان يتحصن فيه الرهبان من هجمات جيوش الخلفاء المتناحرين ظناً أن الأديرة تحوى كنوزاً قد تسهم في تغطية نفقات حروبهم، ويتذكرون عبد الملك بن مروان الذى تفنن في الإغارة على الأديرة واغتصاب الراهبات. يزورون مصر القديمة وأطلال مريوط ووداى النطرون ويذكرون ما قرأوه عن الآف الكنائس والأديرة التي خربها الأمراء ليشيدوا بأعمدتها الرخامية والمرمرية مساجد تخلد أسماؤهم وممن برعوا في ذلك قرة بن شريك وأحمد بن طولون. يذهبون الى المقابر فيتذكرون الوليد بن عبد الملك الذى منع الأقباط من دفن موتاهم إلا بعد دفع مبالغ طائلة من المال وصار المثل المصرى المتوارث "موت وخراب ديار". هؤلاء لا تحدثهم عن استعادة أمجاد الخلافة والإمبراطورية الإسلامية فهم أدرى الناس بها وبأمجادها التي كانت وبالاً عليهم. ولا تحدثهم عن حق أعضاء "الجماعة الإسلامية" في ممارسة العمل السياسى فلا يكاد يخلو بيت قبطى من شهيد على أيديهم او بسبب فتاوى شيوخهم. هذا عن التاريخ، أما عن الجغرافيا فهى لا تحمل لهم أخباراً أكثر طمأنينة من التاريخ، فينظر القبطى حوله إلى الدول التي أعتمدت الشريعة الإسلامية دستوراً وأعتنقت المشروع الإسلامي بصيغته الوهابية المتشددة إلا وتحزن على وضع المسيحيين فيها وطريقة تعامل الدولة معهم. هؤلاء يحتاجون إلى أكثر بكثير جداً من مجرد النوايا الطيبة لكى يطمأنوا ويشاركونك البناء.
     وأخيراً، قبعة السلبيين، وهى قاعدة عريضة متذمرة بإستمرار وشاكرة أيضاً باستمرار! لا يهمهم مشروعك السياسى ولا خطتك الاقتصادية ولا أهدافك الوطنية أو حلمك القومى. فقط يهمهم أن الراتب الشهرى لا ينقص، الأسعار لا ترتفع، حتى وإن كان يستحق أجراً أكبر. يهمه أن يكون الشرطى جاهزاً لردع المجرمين، ولا يهم إن كان نفس الشرطى يوسعه ضرباً وإهانة أو على الأقل يحتجزه أياماً لمجرد الإشتباه. لا يهمه أن يكون الحاكم لصاً أو خائناً أو مستبداً ولكن يريحه أن يكون الحاكم مسيطراً ومستقراً في سياسته أياً كانت. هؤلاء يكرهون الثوار لأنهم يعطلون مرورهم في الشارع أثناء عودتهم من العمل الى حياتهم  البائسة، ويكرهون المعارضة لأنها تهدد استقرارهم الكئيب و تحرك المياه الراكدة المتعفنة فيتعبهم إنبعاث رائحتها الكريهة وتطاير حشراتها المزعجة، ينقمون على الحاكم والمحكوم وعلى المؤيد والمعارض، ولكنهم لا يشاركون في أي تغيير ولا يرهقون أنفسهم سوى في التنظير والمزايدة وكيل الإتهامات وترديد الشائعات. هؤلاء لا تتوقع منهم الثورة ولا ترجو منهم التأييد أو المساندة، أقصى ما يستطيعون فعله هو (الفرجة) من على (الكنبة) ينتظرون إنطلاق صافرة الحكم ليعرفوا لمن سوف يهللون ولمن يجب أن يخرجوا ألسنتهم!!
     ختاماً، كل هذه القبعات وغيرها مجرد خطوط في لوحة الوطن ونغمات في سيمفونيته، من يحاول محو أياً منها جاهل وأحمق، ولكنها فقط تحتاج الى الفنان الحقيقى والمايسترو المبدع الذى ينسقها ويرتبها ويوزعها ليستمتع الجميع بوطن جميل متناسق صوتاً وصورة.http://www.wataninet.com/watani_Article_Details.aspx?A=39242

Monday, March 18, 2013

مذكرات جريح

لم أعرف أبداً
أن امرأة خانت، كما خانت مصر
أو أعرف بلداً باعت
كل كنوز جواهرها
لملوك الغدر!
كل رسائل الحب القتها لعروس البحر
كل الأحلام هدمتها وبيوت الشعر

لم أعرف أبداً
أن ذابت دماء العشاق في ماء النهر
أن أماً تفاوض تاجر الرقيق
تبيعه أحداق ابنائها التي أفرغها القناص
وأشواق أحبائها التي فرقها الرصاص
وأعناق ثوارها التي ذبحت بلا قصاص
وتشترى جلادها الرخيص بأثمن سعر

لم اعرف أبداً
أنك ليل بلا أمل بلا فجر
أنك عروس بلا مهر
أنت يا مصر منذ القدم
وجع كل ثائر
وجرحه الغائر
انت غضبة عرابى وغربة سعد
وأزمة ناصر
أنت دموعنا كل أحد .. ودعاؤنا كل عصر

هل يحدث يوماً
أن تطلقى حلمنا من الأسر
أن تطردى خائناً من القصر
أن أمزق يوماً هذه الرسالة
تنزعين عن وجهك اقنعتك
وتطل نفرتارى من نافذتك
وتعود الحكمة عاصمتك
ويمتلك الحب ناصيتك
ويغسل نيلك جراحنا
ودموع العمر؟!

Friday, February 22, 2013

إنقاذ الضمير الوطنى


    جاهد عبد الناصر حتى رأى في حياته ثلاث دول عربية كبرى تعقد اتفاقية وحدة واندماج تام وتكوين جبهة عربية واحدة، حلم لم يكتمل ولكنه على الأقل نجح أن يحوله الى واقعة تاريخية ملهمة بين عامي 1958 و1961! وفى المقابل نجح مرسى في شق الصف المصرى نفسه إلى مواليين وممولين ،معاونيين ومعارضين، إخوان وخائنين، شرفاء و(مزنوقين). وبذل جهوداً مضنية في بضعة أشهر كانت أبرز نتائجها أن تحولت وحدتنا الوطنية الراسخة إلى مجرد حلم!! وأصبح يتصدر مشهدنا السياسى اليوم جبهتان متحاربتان متصارعتان متبادلتان الوعود والإتهامات أيضا، جبهة الإنقاذ وجبهة الضمير الوطنى.


    لن أخوض في مقارنات سياسية أو تاريخية بين العصرين أو بين الجبهتين، فالبون شاسع، والمقارنة ظالمة، والشعب أذكى من أن يفند له أحد أو أن يذكرّه. إنما تمنيت على النخبة من الفريقين أن يفطنوا الى أمر أخطر من مجرد إدعاء القدرة على الإنقاذ، أو إدعاء احتكار الضمير الوطنى. تمنيت لو عرف ساستنا أننا فى احتياج الى من ينقذ ضميرنا الوطنى نفسه! نعم فالضمير في مصر يمر بأزمة طاحنة ، ليس في امتلاك ضمير من عدمه انما في كنه هذا الضمير وقناعاته وثوابته.

   وهل يختلف صوت الضمير من انسان الى آخر؟ بلى، الضمير في بلادنا مشوّه، مرن، موّجه ويكيل في أحسن الظروف بمكيالين فقط. ويحضرنى هنا قول السيد المسيح لشيوخ اليهود "أيها القادة العميان الذين يصفون عن البعوضة و يبلعون الجمل"! نعم بعض ضمائرنا تصف عن البعوضة وتبلع جمالاً بطولها وعرضها دون أي عناء. بعض الشعوب تهمل فى العبادة وتمرر ضمائرها العلاقات المحرمة بدعوى الحرية الشخصية، ولكن ضمائرهم تنتفض أمام الكذب أو الرشوة أو المحسوبية أو عدم النظام. وفى بلادنا بعض الضمائر تنتفض لصوت المؤذن فلا تفوت فرضاً، بينما تصم آذان ضميرها عن أنين أطفال يسكنون الشوارع على بعد خطوات من المسجد أو الكنيسة، يرتجف ضميرهم أمام أمرأة لا ترتدى حجاب بينما يمتنعون عن مساندة أخرى تعرضت للتحرش والسحل ويصرخون بضمير مستريح: "وهو أيه اللى وداها هناك؟"!

    لا تبحث في الآخرين حولك، أفحص ذاتك. هل لمحت ضميرك هناك عندما (ركنت سيارتك) صفاً ثانيا أو ثالثاً، أو عندما أمرت ابنك بالقاء أكياس الشيبسى وبقايا سندوتشاتك وزجاجة المياه الغازية من نافذة السيارة؟! هل سمعت همساً من ضمير يمنعك من وضع (الشاي) في درج مكتبك؟! هل هزه قلمك وانت توقع بالحضور لزميلك الغائب؟ هل أوقظه صوت (الكمسارى) وانت تهرب من عربة الى أخرى؟! هل طالع ضميرك جريدة تنبئك بهدم أو حرق كنيسة في وطنك يصلى فيها جارك بينما تحارب أنت من أجل مقدار ارتفاع مأذنة في سويسرا؟! هل سألك ضميرك عما انتهت اليه قضية الرجل الذى مزق الإنجيل وسب المسيح والعذراء مثلما ارتاح ضميرك الى الحكم السريع بالإعدام على المتهمين بالإساءة الى الرسول الكريم بمجرد الإشتباه دون منحهم الحق في الدفاع؟!

    الأغرب أن بعض ضمائرنا ترحب بالقتل !! .. نعم، أحدهم يؤرقه ضميره إن لم يأخذ بثأر أبيه الذى قُتل هو نفسه أخذاً بثأر آخر! وآخر لا يرتاح ضميره وينعم إلا بقتل ابنته التي أخطأت في علاقة عاطفية تورطت فيها هربا من العذاب والإمتهان الذى أذاقه لها في بيته وهو هانئ البال هادئ الضمير! وثالث يرغى ويزبد ويصب اللعنات على أولئك المارقين الخارجين على الرئيس يقولون في وجهه كلمة حق ويرفعون امامه مطالب عادلة، يرفض ضميره حجراً يلقيه يائس محبط مكلوم في أصحابه وفى أحلامه .. ويقبل ضميره مباركاً رصاصة يطلقها جلاد السلطان!

    الضمير الوطنى في مصر الآن يا سادة يتقبل بكل بساطة إلغاء النشيد الوطنى في مدارس خيرت الشاطر بينما يتهم الثوار بالخيانة، يصمت عن تصريحات العريان المرحبة بعودة اليهود والتصالح مع رجال النظام السابق ويكيل اتهامات للبرادعى وهو - شخصية دولية – بسبب حديثه عن الهولوكوست وللمعارضة بإحتضان الفلول! ضمير وطنى آخر يملكه أحد مستشارى الرئيس لم يدفعه إلى الإستقالة لأنه لا يلعب إلا دوراً تمثيلياً يساعد النظام في إرسال رسالة خادعة كاذبة إلى من وثقوا به، ولم يستقل عندما رأى الرئيس ينكث بالعهد تلو الآخر ولم يسمع أحد صوته مندداً بسحل المواطنين وتعليقهم على باب القصر الذى يعمل به، ولكنه عندما غُدر به ذرف دموعه وطلب المساندة!  تابعت رموزاً في بلادنا عندما كانوا يسئلون سابقاً عن سبب زيادة جرائم الإغتصاب فيجيبون بأن البلاد لا تحكم بشرع الله ولا يحكمها رجال الله! والآن يجيبون بأن الضحايا هن السبب ووحدهن يتحملن الذنب والمسئولية!!

   لدينا ضمائر وطنية معتبرة لا تجد أية غضاضة في أن تكون مصر إحدى ولايات الخليفة المنتظر وأن تحكم مصر من بابه العالى في مكة او القدس او الآستانة (تانى) !! لدينا ضمائر وطنية تغفر للرئيس استبداده وكذبه وجرائمه طالما ملأ الشعر لحيته ونقلت الكاميرا صلاته! تؤيده وهو يظن الحكم غنيمة أخذها بسيفه لا يفرط فيها حتى آخر قطرة من دماء شعبه، وحتى آخر ريــــال قطرى !!

    ليحكم من يحكم، فالمحصلة واحدة .. طالما بقيت ضمائرنا على فسادها ورياءها .. تظل الخيبة تلاحقنا من جيل الى جيل وينتقل نفاق فريق لرئيس ما إلى نفاق الفريق الآخر لرئيس آخر، بذل السياسيون وقتاً وجهداً كثيراً لإذكاء الصراع والاستقطاب .. وساهم الإعلام الحكومى والخاص والدينى كل بثقله ومكانته في إشعال التعصب وإبراز الخلاف .. ولم يبال أحد بهذا الكم الهائل من العقول التي تاهت والضمائر التي تشوهت وفقدت مبادئها وثوابتها الإنسانية والدينية والوطنبة.

    أيها السيدات والسادة  أنقذوا عقولنا وضمائرنا اولاً .. قبل أن يسقط كل شيئ!

Tuesday, February 19, 2013

مرنى أن آتى اليك !!

فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ» (مت  14 :  28)


حملتنى اهتمامات العالم بعيدا .. دخلت الى أعماق بحره المضطرب وحدى.
لم آخذك معى لفرط جهلى!


كنت أصلى، كم طلبت اليك أن تأتى معى! .. كم مرة دعوتك؟!
فى الواقع .. لم يكن فى قاربى مكان لك!


كنت أظن أننى استطيع قيادة سفينتى وحدى .. بعض الخبرة، والعلم، وتجارب الآخرين، و...
كم وثقت فى قدراتى وحكمتى، ما أغبانى!

صارعت أمواجه المتلاطمة طوال الليل .. بيداى العاريتين، حتى لم تعد فيَ قوة.
تمزقت أشرعتى وسقط مجدافى!

الظلام .. قوة مخيفة، قد خبرت الآن قسوتها ..
عرفت كيف ينتقل الظلام من حولى .. إلى أعماقى!

الخوف .. خوف مما يحمله الميل القادم .. والعقدة التالية!
خوف من خطواتى السابقة ومما ينتظرنى!

قاومت لبعض الوقت .. كل التيارات والدوامات والأمواج العاتية
ولكننى أخيراً تركت الدفة .. وأهملت بوصلتى!

صرت أُحمل بكل تيار كيفما سار .. وتسلمنى كل دوامة الى أخرى!
لم أعد أحصى كم دوامة ابتلعتنى .. وقذفتنى أخيراً بلا ربح!

تذكرت أيامى معك .. كم استدفأت بكلامك فى برودة الليل واستنرت بوعدك!
كنت نائماً فى مؤخرة سفينتى .. فلم تجرؤ علىّ عاصفة!

كنت تملأ ليلى ترنيماً وسلاماً .. شجعتنى أن أترك كل شيئ واتبعك!
فهل أحتاج شيئاً فى صحبة خالق الأشياء؟!

كيف ومتى امتلأت أركان سفينتى بالتافهات .. فلم يعد مكانك مُجهّز!
كيف انسحبت من قاربى دون أن ألحظ؟!

كم أمسكت سمكاً وانت معى! .. كادت شباكى تتمزق ذات مرة من وفرة الصيد!
والآن تعبت الليل كله ولم أمسك شيئاً .. وأجابه الموت كل لحظة!

قصدت مؤخرة السفينة .. أفزعتنى الأكوام التى ترسبت فى مكانك المفضل
ظللت ساعات أنزعها والقيها بعيداً .. لم يكن نزعها سهلاً!

تمنيت لو وجدت منك أثراً تحتها .. أو رسالة تعزينى
وجدت صورة .. محفورة فى جدار مركبى!

كم من الدموع كلفنى تنظيفها! .. كم أبكانى غرورى وجحودى!
وتمنيت من عمق قلبى أن أراك .. وصرخت.

صوبت عيناى جهة الشاطئ حيث تركتك .. أنتظرت مجيئك الأكيد
لا أشك فى محبتك أبداً .. ولا فى مجيئك أيضا!

الأمواج المتلاطمة تحجب ضوء القمر .. ولكنك أنت شمس البر
ها أرى خيالاً من بعيد .. ها أنا أراك!

ولكن، ترى هل هذا أنت فعلاً؟! .. هل تأتينى ماشياً على الماء
أعرف أنك تستطيع .. ولكننى لا أستحق!

أن كنت أنت حقاً .. فمرنى أن آتى اليك!
هل أجرؤ على دعوتك الى قاربى مجدداً
كأن شيئاً لم يكن؟!

مر خوفى وظلامى أن يتبددا .. وحل قيود نفسى فأنطلق اليك
لن يحملنى الماء .. بل محبتك واشتياقك الىّ!
يحملنى ايمانى بك .. رغم أنه ايمان معطل .. بلا عمل!

ان كنت أنت يسوعى .. فمرنى أن أتنقى وأتطهر كى ألمس قدميك وأبكى عندهما!
مر ظلمتى ان تنقشع .. 
أمسك بيدى فأسير حتى على الماء .. أهزم قوانين الطبيعة معك !

مرنى أن آتى اليك .. فالعالم مازال يقيدنى والموج عالٍ ومخيف!
إيمانى غير كافٍ لأن يحملنى على سطح المياه بثبات ..
إن اتكلت على ذاتى سأغرق لا محالة!

يا الهى .. إن رأيتنى متكاسلاً .. فاتراً .. تائهاً فى البحر ومحمولاً بالتيارات..
إن رأيتنى بعيداً .. فمرنى أن آتى اليك .. سريعاً








Friday, February 15, 2013

صورة عبد الناصر


    سنوات عمرى لم تتجاوز الثلاثين بعد، ولكننى رأيته! لا أعرف عدد أولئك الذين عاشوا نفس تجربتى معه منذ الصبا، ولكنها تجربة بطول حياتى وعرضها .. وعمقها أيضا!

    رأيته في بيتنا البسيط القابع في عمق الصعيد، صورة كبيرة لوجه مبتسم، ملامحه مريحة رغم الشجن والمرارة التي تطل من عينيه، معلقة في (المندرة) وهى غرفة الاستقبال وقاعة المناسبات وقت اللزوم عند أهل مصر العليا. لم أكن في صغرى أعرف صاحب هذه الابتسامة الممتلئة بالأسرار ومالك تلك الحظوة في صدر ابى وفى صدارة قاعتنا. وتزيد حيرتى كلما زرت جدى – رحمه الله - في بيته العتيق وكنت في دراستى الابتدائية حين توفى وكان هو في عامه السادس والتسعين، لا أكاد أذكر كلمة واحدة من حواراتنا الكثيرة ولكن شيئاً واحدا لا استطيع أن امحوه من ذاكرتى ما حييت، صورة أخرى لنفس الوجه المبتسم في بيتنا ولكنه في بيت جدى لا يبتسم، بل ينظر في تحدٍ الى الأمام وكأنه يسابق زمنه! وجه ممتلئ بالأمل والنضال رغم نفس الحزن في عينيه. كانت الصورة في بيت جدى تجذبنى بشكل خاص فأظل طوال جلستى هناك معلقا عينى وقلبى اليها كما الى جدارية فرعونية في معبد أحاول سبر أغوارها وفك طلاسمها. كانت الصورة بلا اطار يحدها وبلا زجاج يحميها .. كانت مجرد ورقة منتزعة من مقدمة كتاب، ظلت تتحدى عوامل الزمن واختلافه ولم يمنحها إلا لونه الأصفر! ولكن الصورة في بيت جدى كانت تفصح عن صاحبها بعبارة كانت تقبض قلبى كلما وقعت عليها عينى .. "في ذمة الله الزعيم جمال عبد الناصر"، كنت أحاول ان اتجنب قراءتها ممعناً النظر في عين الزعيم الحزينة وفى أنفه المشرئب!
    ورغم أننى فهمت فيما بعد سر غموض النظرة وسر كبرياء الأنف وسر حنو الابتسامة. إلا أن سراً اخر لم افهمه لماذا ترك أبى وجدى هاتين الصورتين في مكانيهما كل هذه السنين، ألم يعلما بأنه قد مات وأن رئيسين اثنين قد تقلدا الحكم بعده؟ أم انهما لم يردا ان يعلما؟ أم انه وقع الصدمة الهائلة مازال أثره كامناً في نفسيهما يمنعهما من التصديق؟! أم أن حال مصر بعده لم يمنح أحدا الجرأة لينزع صورته من حائط البسطاء وقلوبهم ليضع صورة آخر؟!! أمى لاتزال تذكر جنازته الرمزية في قريتنا وتروي لنا مشاهدها كأن رئيساً آخر لم يمت في مصر. أبى يروى عن رحلاته الى القاهرة في شبابه وعن الميادين التي تمتلئ بالبشر ترنوا آذانهم الى صوت عبد الناصر وتشرأب أعناقهم لرؤيته وكأن أحداً لم يخطب في شعب مصر بعده!! توفى جدى .. وذهبت الى مدرستى الثانوية .. تركت قريتى والسؤال لم يتركنى ابدا .. لماذا لم يمت عبد الناصر؟!
    مدرسة الشهيد عبد المنعم رياض الثانوية بسوهاج هي وريثة مدرسة الجهاد المنشأة في عهد عبد الناصر .. ولحسن حظى كانت وريثة مكتبتها أيضا! قرأت فيها جل روايات توفيق الحكيم وطه حسين ونجيب محفوظ و عباس العقاد .. قرأت فيها للحكيم رواية "عودة الروح" التي شكلت كثيرا من وجدان وعقيدة عبد الناصر قبل الثورة، وقرأت له "عودة الوعى" الذى ينتقد فيه عهد عبد الناصر بعد رحيله! .. قرأت كتاباً ضخما لكاتبة غربية - لم اعد اذكر اسمها – اسمه "جمال عبد الناصر في طريق الثورة" وتعجبت كيف يكتب الغربيون بكل هذا الانبهار عن عدوهم الأبرز في الشرق! قرأت لعبد الناصر نفسه كتاب "فلسفة الثورة" ورأيت كم كانت أحلامه عريضة وتطلعاته عظيمة وكم كانت ثقته في شعب مصر وفى العرب بلا حدود .. قرأت للسادات "يا ولدى هذا عمك جمال" واعترافه بنزعة عبد الناصر الى تحقيق الديمقراطية الحقيقية وهو الحلم الذى لم يستطع تحقيقه لأسباب كتب عنها الكثيرون بين مؤيد ومعارض .. ترى هل أحبه المصريون لأنه الوحيد الذى لم يتعالى عليهم، من كان يعتبرهم الترمومتر الحقيقى لقياس صحة توجهه، الوحيد الذى شعر بالآمهم وخاطب احتياجهم الحقيقى وحلم أحلامهم وتكلم بلغتهم وعاش بينهم؟ .. الوحيد الذى تواصل مع الأحرار في كل قارات العالم وساندهم وناصر قضاياهم العادلة بلا خوف او مواربة او تواؤمات سياسية جوفاء مملوءة بالرياء لمن لا يستحق؟ .. ربما
    رأيت مقاطع فيديو وصوراً وقرأت شهادات موثقة لمن عايشوا قصة بناء الكاتدرائية الكبرى بالعباسية، وتأملت تفاصيلها. كيف وقر في يقين عبد الناصر أن بناء كاتدرائية تليق بالكرسى المرقسى السكندرى العريق وتليق بقر بطريرك الكنيسة القبطية، ليس تمجيدا لدور الكنيسة المصرية فحسب ولكنه تمجيدا وتأكيدا لدور مصر الحضارى الذى استنارت به جميع الأمم، تأملت معنى أن يجلس الراحل البابا كيرلس السادس في منزل عبد الناصر ويفتح أبناء الزعيم (حصالتهم) ويفرغون ما فيها من نقود بسيطة في منديل البابا تبرعاً ومساهمة في بناء الكاتدرائية، أن يمسك عبد الناصر بيد البابا في يوم الإفتتاح ويستند عليه اثناء صعود سلالم الكاتدرائية ويسر اليه بألم ركبته، ثم يرسل قوات الحرس الجمهورى لتفسح طريقاً لسيارة البابا بين حشود المواطنين المحيطين ببيته يطالبونه بإلغاء قرار التنحى. فيحمل له البابا رجاء أبناء شعبه الى الزعيم بأن يبقى فهو الأمل في النصر على رأى ام كلثوم وقبانى. هل عاش عبد الناصر في قلوب البسطاء لأنه دعم الوحدة الوطنية بالفعل والإحساس والصدق لا بالكلام الذى لا رصيد له من الحب؟! ... هل لأنه استحق أن يرى مريم العذراء وهى تتجلى في كنيسة الزيتون لتمسح دمعة النكسة من عينه فأمر بتحويل جراج هيئة النقل العام بالزيتون الى كاتدرائية فخمة تروى حتى اليوم عن تأييد سمائى لصدق الرجل واخلاصه مهما كانت عقيدته ..  ربما
    لا استطيع ان احصى ما سمعته وقرأته من حكايات تشبه الأساطير عن إحساس الرجل بهموم شعبه ورفضه التميز عنهم بأى شكل ولا أن ينسحب رغد الرئاسة وبهرجته الى أفراد اسرته والى بيته .. أؤكد لك أننى رأيته في أنين كل الفقراء والمهمشين في بلادنا .. أبى وجدى لم ينعما بفدادين الإصلاح الزراعى التي وزعها جمال على الفقراء و لكن ياصديقى .. للحب أسباب أخرى!
    كبرت وعرفت أكثر أن عبد الناصر فشل كثيرا وأخطأ كثيراً وضيع الكثير من الفرص.. ولكن ما يستحق الدراسة والتأمل في تجربته كثير جدا جدا .. وأهمه في نظرى هو أن معه نفض الشعب المصرى عن نفسه كثير من التشوهات والعادات التي اكتسبها على مر عصور الاحتلال المتتابعة. فتنحى عن السلبية واتجه الى البناء بقوة والعمل بحماس شديد وانطوى تحت لواء النهضة الحقيقية الصادقة التي اطلقها بعد الناصر في مجالات الصناعة والزراعة والعلم والثقافة والفن وجعل الكثيرين من سجناء الرأي في عهده ينسون سجنهم والظلم الواقع عليهم ويؤيدون الحلم والهدف الذى رسمه عبد الناصر في آفاقهم في ظاهرة غريبة لم تتكرر في مكان آخر، أن يتضامن المسجون مع سجانه في سبيل الهدف الأكبر والحلم الأوسع. ولعل من أكثر ما يؤرق ناقدى عبد الناصر وأعدائه، من أول الجماعة المحظورة في الداخل وحتى الدولة العنصرية في الخارج، هو أن الشعب المصرى كسر مع ناصر قاعدته التاريخية "مات الملك .. عاش الملك" فلم يكن التفاف الجماهير حوله انبهاراً مؤقتا بانتصار ظاهرى ولا كان خوفا من القمع والترهيب كما يروجون .. بل أن المصريين ألتفوا حوله في وقت نكسته وتنحيه أكثر من وقت انتصاره .. والملايين التي ذهبت وراء جنازته التاريخية وبكت عليه بدموع القلب تخطت أضعاف المستمعين لخطبه النارية في عنفوان حكمه!
    وأخيراً، لم اتعجب حين خرجت صورته مع ملايين المصريين في ثورة العيش والحرية والعدالة الأجتماعية والكرامة الإنسانية، فهذه المفردات باقية في أذهانهم منذ أن سمعوها للمرة الأولى من عبد الناصر .. وهذه الصورة التي خرجوا يحملونها ليست جديدة ولكنها كانت معلقة منذ عشرات السنين على جدران منازلهم وبين خفقات قلوبهم وما لحقها من الزمن سوى صفرته التي زالت هي الأخرى أمام سيل الدماء الذكية لشهداءنا وتجدد معها شباب المصريين وأملهم.المقال على بوابة الشروق